Sunday 6 July 2008

صائد الاعلانات

كان عليه أن يقطع بعض الثوم و البصل، وكما جرت العادة في السنة الأخيرة، فكر بأن عليه الاتصال بجدته ليسألها عن حالها، وعن
طريقة تحضير ورق العنب، فقد سئم اعداد المعكرونة منذ أمد ليس بقصير. ز


يخرج قالب الثلج ثم يضربه على الطاولة في طريقة لطالما اعتقد أنها بدائية لاستخراج مكعبات الثلج، وتتناثر بعض المكعبات على
سطح الطاولة ، وبعضها على الأرض، شعر بالمهانة ازاء كل هذا العناء الذي يستلزمه تبريد كأس من الماء. وبعد أن يلتهم اللقمة الأولى ، والثانية، يدرك أن الباستا ليست مطبوخة كما يجب، هو ذا شعور أكل قطعة من البلاستيك يعود إليه، ويرثي حاله بصمت. ز

بعد دقائق يخرج من البيت، بيته الذي انتقل اليه قبل أشهر قليلة، في قلب هذه المدينة الغربية الغريبة، وتأتيه طارئة كما في كثير من اللحظات بعض التساؤلات، لم جاء؟ ومتى يعود؟ وأين ذهبت كل الأحلام التي جاء من أجلها؟ وهل كانت موجودة لتذهب؟ ... لكنه أصبح خبيراً في التخلص من احتمالات التفكير العميق، بالمضي قدماً و الضغط بقوة على العلكة المحشوة بين أسنانه،و متابعة مشيه السريع متجهاً إلى أول صندوق هاتف عمومي. ز

ستة، ثمانية، سبعة، سبعة، واحد ... ستة، واحد، صفر، أربعة ، أربعة ... ستة، أربعة، سبعة، سبعة، ثلاثة ... ستة، خمسة، صفر، ثمانية، ثمانية ... يدون هذه الأرقام على دفتر الملاحظات المتروس، ويترك فراغاً معقولاً تحتها، ثم يرفع سماعة الهاتف، ويبدأ بتلك الأرقام التي تثيره احتمالات الاتصال بها . ز


متحدثاً بتلك اللغة الغربية الغريبة: مرحباً! كيف الحال؟ بخير شكراً، أنا جورج واتصل بك من مركز المدينة، رأيت لتوي الاعلان الخاص بالشقة ، قد قرأت المواصفات و أعتقد أنها تناسبني، مذكور أنها بثلاث غرف نوم أليس كذلك؟ نعم نعم، وواحدة ماستر، عظيم، اذن هل يناسبك قدومي تمام التاسعة؟ حسناً، شكراً وإلى اللقاء! ز


أغلق ساعة الهاتف، دون ساعة اللقاء، ثم عاود الاتصال مرة أخرى... ز


مرحباً! كيف الحال؟ بخير،أنا نور وأتصل بك من مركز المدينة، رأيت لتوي اعلانك الخاص بالسيارة، وودت معاينتها شخصياً والقدوم للزيارة. نعم، وهل هي مفحوصة فحصاً شاملا؟ اها..نعم..اذن هل يناسبك ان جئت اليوم؟ ان قلنا تمام السابعة؟...السابعة والنصف. ممتاز، والعنوان من فضلك؟ نعم ، نعم.. بجانب السوق الكبير؟ اها... تمام اذن! شكراً..مع السلامة. ز


أغلق ساعة الهاتف، دون ساعة اللقاء، ثم عاود الاتصال مرة أخرى... ز


مرحباً! كيف الحال؟ اسمي بني وأتصل بك من مركز المدينة، قد وجدت الاعلان عن الجيتار الآن وأردت مزيداً من المعلومات...نعم، أعتقد هذا أيضاً، من الممكن زيارتك اذن، متى يناسبك؟ اها...وماذا عن الخامسة؟ ... الرابعة؟ جيد، لا؟ رائع، نلتقي هناك اذن...سلام.ز


بقي هناك رقم واحد، وأخذ يفكر أن الساعة السادسة هي الأنسب للقاء. كانت المكالمة عادية، عن تأجير غرفة، والسادسة والنصف كانت الساعة الأنسب. كان الموعد التالي في نفس المكان تقريباً فما كان من مشكلة، دون بعض المفردات الجديدة وقرر البقاء قرب صندوق الهاتف، بعيداً قليلاً رأى حائطاً ذا أوراق ملصقة بعشوائية، أركى ظهره على الحائط ومد قدميه، وبصره يحلق حول المكان، هذه الساحة وهؤلاء الذين يجيؤون ويذهبون، هذه الظهيرة طويلة الأمد... ز


أعاد فتح الورقة، وبجانب كل هامش كان قد دون عليه العنوان، أخذ يكتب الأعذار... لم لا تناسبه الشقة ولا السيارة، ولا يعجبه الغيتار ولا الغرفة. وعلم أنه لن يستطيع البوح لهم بسر زيارته، هو يريد فقط أحداً يتحدث اليه في هذه المدينة الغربية الغريبة. ز

No comments: