Monday 23 March 2009

قيئ


للمرة الثالثة هذا الأسبوع، أتقياُ...لا يراني أحد، المشهد كالتالي: بعد سباحة أربعة أو خمسة أشواط، ألي ذلك بسباحة سريعة وبطيئة حتى منتصف البركة، سباحة الظهر، حرة، صدر، ولا أعقب ذلك بالفراشة، أسبح بتهادٍ مؤسساً للمشهد الآتي الذي بات يستجسه المدرب...أمسك بقوة ذراعي سلالم الألمنيوم، أنظر إلى "كادث" المدرب، أقول: " قد أحتاج للذهاب إلى الحمام"...هذه المرة شعرت منه بعض الاستياء، لا يستطيع منعي بطبيعة الحال، ولكن هذا أمر غير طبيعي وعنده حق بالتساؤل، ألوذ بالصمت ثوان أحسم فيها أمر بقائي أو ذهابي، ولما يطالع مخيلتي مشهد القيئ على سطح البركة إن بقيت، أهم بالقيام، قدماي ترتجفان من التعب، أمشي بتؤدة نحو الجانب البعيد الآخر، أشعر وكأنما في معدتي من يحاول الإفلات، تعدهم خطواتي المتسارعة بالخلاص، باب البركة من النوع الدوار ذا محور في المنتصف، أدفعه بكلتا يداي، أرجوه أن يندفع، تتسارع نشوةالتقيؤ، تزيدها أفكار جهنمية بأني أفلتت مني رباط الجأش وتقيأت على البلاط، أخاف من الفضيحة، أرتعب من الاحتمال، وأرجو الباب أن يندفع، يندفع، وأندفع أنا نحو الحمام الكبير الملئ بحنفيات الاستحمام، ومرآة تعلوها طبقة بخار لا تزول، وبلاط مبلل، وآثار أقدام، وأصابع، وبعض ورق الحمام، ورجال يتهامسون وينشفون أنفسهم، وأطفال يصيحون لأنهم أطفال...سحقاً أين باب الحمام، اتركوني وحيداً، أيها الملاعين أين الباب! .. أين الباب! .. أراه برتقالي اللون يختبأ من هول ما آتي به، باب الحمام، أدفعه برفق أمام مرأى من يرى، و أغلقه، آن للقيئ أن يفرج عنه، أرفع غطاء المرحاض، أتموضع كما ذليل أهلكه الضرب، ثم كما لو أني أقول، يسكتني ويبوح بما في، أتقيأ..مرة وثلاث، و أكثر...أخجل، صوت تقيؤي كان مسموعاً، تتسارع دمعة لم أحسب تهيؤها للنزول، وتخرج من المقلة، تختلط مع ماء المرحاض وقيئي، لا بد أنها تعرف، لا بد أنها تعرف

بعد المشهد المحموم، وما زلت أجثو على ركبتاي، أتناول ورق حمام أبيض، أمد يدي داخل المرحاض وأنظف ما تبقى من قيئ لم يسل بفعل ضرب الماء، كدلتا خصبة، بشكل معين أراه لليوم الثالث، وأفكر بأني متحضر جداً، لا يعرف أحد كيف يبدو شكل القيئ، وسأنساه أنا يوماً، وسينسى من سمعوني اليوم ما سمعوا، وسوف لا أذكر الانكسار، ولا شكل حبات البازلاء مع العصارة الهضمية، ولا لون التعب، ولن أذكر الهزيمة، سوف لن أذكر إلا كلماتٍ وأصواتاً تلت هذا وقبل هذا، تجعلني أعود إلى يوم جديد آخر همي فيه شكل القيئ.

1 comment:

Anonymous said...

salamtak ya abu 3arab salamtak,,,

btw, i really amused myself with this irony,,,,
nothing more discussting than what you are talking about,,
,,yet, i could not leave your article before reaching the last litter. i enjoyed ur simple details,,,

salamat,,,salamat,,

fadi