حلم كل يوم

أشعر بقدرة على المسير في الحشائش الرطبة البعيدة، تلك التي تتسلق سفح الجبل، وبرغبة في ليلة باردة بغير مطر، يلف فيها السكون كل شيئ، في ليلة من تلك التي نشعل فيها ضوء الغرفة ونبقيه مضاءاً،ولا نعلم حقاً لماذا، سأجلس على سفح الجبل، أدفئ الأطراف المعرضة للهواء، وأتنفس بعمق، ومن ثم سيدفئ زفيري بتيار حام طرف أنفي البارد، وسيكون كل شيئ على ما يرام.

سأقضي الليل بالتأمل، أفكر في كل شيئ، أي فكرة تخطر ببالي سأتابعها وأحللها و أأتنس بها، سأراقب الجبل المقابل وغرفته المضاءة من بين الحشائش الرطبة الطويلة، أتخيل الدفء هناك وحرارة الضوء المنبعث، سأشعر بالبرد حتماً إن أطفئ الضوء، أتمنى أن لا يحدث هذا. سأقضي كثيراً من الوقت متفحصاً ما هو موجود بحقيبة الظهر التي حملت، قلم رصاص وقلم حبر أحمر، بعض فتات الخبز في القعر، علبة عصير ملتوية في القاع، وبعض الأوراق ممزقة الجوانب، هناك أيضاً قاموس الجيب، وأطلس من الثمانينات منزوع الغلاف ، ومجلة قرأت معظم المقالات فيها، لكنني سأقلب الصفحات علها تستوقفني صورة لم أرها قبلاً أو موضوع يشدني عن عالم الفضاء، سيكون معي كبريت و طرف مشعل يدوي مبلل بالزيت، لن أكون حقاً وحيداً

لكم أنتظر انتصاف الليل واغلاق عيني، ومحاولة التقاط أصوات بعيدة، سأفكر في كلمات مثل مسبار، شهب، كائنات فضائية، تردد وذبذبات، سيكون مثيراً حقاً! إن شعرت بالبرد سأدفئ نفسي ، وإن بالجوع فسأقضي نصف ساعة في تحضير فطيرة من الجبن والزعتر، قد تحترق أطراف الفطيرة على النار المشتعلة، لكنها ستكون وجبة لذيذة، سأتناول الأبريق الفضي لأعد الشاي فيه، كم أنا فرح بانتصاف الليل...ساعة نومي سأحاول جاداً عد النجوم، فالسماء ستكون صافية ، وسأكون أنا حذراً في عدها، أجده صعباً دائماً تحديد الاطار، فأنا لست أمام شاشة حاسوب، ولكن قد تخطر ببالي طريقة ما...ومن بعد كل هذا سأنام كيفما اتفق، بل ربما بقليل من الترتيب وازالة الحجارة من أسفل كيس النوم، بوضع يداي بوضع متقاطع فوق صدري، وعمل جيب دافئ مستقراً لقدماي في هذه الليلة الساحرة ، وفي لحظة لا أعلمها، سأنام حتماً.
....لا أدري، قد يحصل هذا يوماً ، لكن علي اطفاء ضوء الغرفة الآن والاستيقاظ باكراً للعمل